وجهة نظر
نشرت بعض وسائل الإعلام التونسيّة بلاغا عن المكتب التنفيذي الموسّع لنقابة الصّحافيين، جاء كردّ على بيان النّقابة الوطنيّة للصّحافيين المؤرخ في 2 جوان الجاري، حيث اعتبروا أن البيان المذكور طمس الحقائق وغالط الرأي العام الصحفي والوطني. وأكّد "المكتب التنفيذي الموسّع" على شرعية عريضة "الإقالة" وأنه الهيكل الشرعي الوحيد القادر على اتخاذ التدابير الضرورية الكفيلة بإنقاذ النّقابة...
السّؤال الذي يتبادر إلى الذّهن في البداية هو، أين ومتى اجتمع أعضاء المكتب التنفيذي الموسع ليحرّروا بيانهم؟ وكم عددهم؟
نأتي الآن إلى المسائل المتعلقة بالقانون والملزمة لجميع الأطراف.
بخصوص عريضة الإقالة التي تضمّنت 577 إمضاء، فهي غير قانونيّة من جهة أن عددا من الممضين عليها أقرّوا بعدم انخراطهم في النّقابة، كما أمضى عليها عدد من المتعاونين الذين لا يحقّ لهم الإنخراط في النّقابة باعتبارهم يتعاطون مهنا أخرى. وهذه مسائل شكليّة تسقط قانونية تلك العريضة التي وصفت بعريضة "الإقالة" عوض عريضة سحب الثّقة. وحسب ما نعرف فإنّ الإقالة تشمل المنصّبين ولا تخصّ المنتخبين. وكلمة إقالة تقودنا إلى فهم حقيقة الهدف من وراء حملة العرائض والبيانات. ومن يحرص على حماية الهيكل ومصالح الصحافيين، من المفروض أن ينضبط إلى القانون.
كمكا ان عددا من الصّحافيين أعلنوا أنهم أمضوا على العريضة بعد أن سلطت عليهم الإدارة ضغوطا، والدليل أنهم أمضوا على عريضة التمسّك بشرعية المكتب التنفيذي بصورة موازية.
وبالنسبة إلى مسألة رفض استقالة ثلاثة أعضاء، فنفسّره حسب رأينا، إتاحة الفرصة للمّ الشّمل، وأمام تمسّك الثّلاثي بقرارهم، سجل المكتب التنفيذي قبول الإستقالة ووجه الدّعوة إلى المناوبين للإلتحاق وسد الشّغور. أمّا بخصوص رئيس لجنة أخلاقيات المهنة، وبطلب منه، تراجع المكتب في قرار إفقاده عضويّته.
قرار الجلسة العامّة
بالنسبة إلى حلّ ثلاث لجان، فتمّ بناء على قرار الجلسة العامّة وهي أعلى سلطة قرار بين مؤتمرين، وهو قرار ملزم للمكتب التنفيذي، وخرق القانون هنا يكون عندما لا يقع تطبيق قرارات الجلسة العامّة.
نأتي إلى نقطة تمديد آجال الإنخراط، وهنا للمكتب التنفيذي السلطة التقديريّة، المهمّ ألاّ يتمّ ذلك في الشّهر الأخير قبل انعقاد المؤتمر الإنتخابي. وقد مدّدت آجال الإنخراط السنة الفارطة، كما مدّدت في عهد الجمعية، ولم يحتجّ أحد !
صلاحيّات المكتب الموسّع
تتمثّل صلاحيات المكتب الموسّع في معاينة الشغورات إذا تجاوز عددها ثلاثة، وهذا ما لم يتحقّق في واقع الحال، لهذا يبقى اتخاذ أيّ قرار من مشمولات المكتب التنفيذي دون سواه.
أمّا الدّعوة إلى عقد مؤتمر استثنائي فهي مقيّدة بالقانون، وفي واقع الحال لا نجد ما يشرّع مثل هذا القرار، حيث أنّ الدّعوة إلى انعقاد المكتب التّنفيذي الموسّع تتمّ إمّا من قبل رئيس النّقابة أو من ثلثي أعضاء المكتب الموسّع.
ما يمكن ملاحظته حول البيانات المتتالية الصادرة عن "المكتب التنفيذي الموسّع"، هو أنّها لا تعير للقانون أيّ اعتبار، وهو ما يدلّ دلالة واضحة على أن هناك إصرارا غير مبرّر على الإنقلاب على الشرعية لأسباب غامضة !
وهنا نطرح على الزّملاء الذين يؤكّدون أن غايتهم مصالح الصّحافيين وحماية الهيكل، لماذا لا نراهم في مقرّ النّفابة، إلى جانب القواعد لتفسير دواعي الهجوم على المكتب التنفيذي وإقناعهم بسلامة النّيّة؟ ! هل يمكن أن نصدّق من لا يلتحم بالقواعد التي انتخبته،أنّه يعمل على خدمة مصالحها؟ ! هل يمكن أن نصدّق من يصنّف الصّحافيّين إلى صنفين، كبار ومرموقين، وآخرين صغارا، أنّه حريص على مصالح الصّحافيّين؟ !
نحن لن نقول بأنّ المكتب التّنفيذي لم يرتكب أخطاء، لكن تلك الأخطاء تستوجب الإصلاح بأسلوب حضاريّ، وليس بطريقة تسيء إلى القطاع وإلى البلاد بصورة عامّة.
وعندما يقول أحد أعضاء المكتب التنفيذي الموسّع أن رئيس النّقابة عطّل قرار صدر عن رئاسة الجمهوريّة لتسوية وضعيات مائتي متعاون بمؤسّستي الإذاعة والتّلفزة، لا نعلم هل كان يدرك إلى من يسيء بمثل ذلك الكلام؟ !
إنّ نقابة الصّحافيين شأنها شأن جميع الهياكل، يمكن أن تقع في أخطاء، لكن إصلاح البنيان لا يتمّ بالهدم، بل بتمتين الأسس من خلال النّقاش والحوار، كي يكون الإختلاف إيجابيا ويصبّ في مصالح الصّحافيين.
إنّ صورة الصّحافيين وهيكلهم من صورة تونس، والإساءة إليها إساءة لصورة البلاد، والمشاهد التي حصلت يوم 4 ماي 2009 والبيانات المتلاحقة "للمكتب التنفيذي الموسّع" يجب أن يوضع لها حدّ، وأن يعود الجميع إلى القاعدة يحتكمون إليها في جلسة عامّة يقرّر خلالها الصّحافيون ما يرونه يتماشى مع مصالحهم، إذا كانت هناك نيّة صادقة من قبل جميع الأطراف، خدمة لمصالح الصّحافيّين ولاستقلالية هيكلهم. وما تقرّره القاعدة يسري على الجميع.
محمود العروسي
جريدة الطّريق الجديد العدد131 بتاريخ 6 جوان 2009
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire