حصل الإنقسام في الصّف الصّحفي التونسي وفق ما هو مخطّط له . وتعطّلت لغة الحوار وأصبحنا على أبواب مؤتمرين 15 أوت 2009 ( غير شرعي) و12 سبتمبر 2009 (شرعي) . بعد أن باءت كل محاولات المصالحة وتقريب وجهات النظر بالفشل، ليحلّ الشّقاق محلّ الوفاق
كانت الفرصة متاحة لتطويق الأزمة والخروج بحلّ يخدم مصالح الصّحافيين ويعزّز تمسّكهم بهيكلهم، لكن منطق التفريق طغى بعد فرض حالة الأمر الواقع؟ والأمر الواقع يتمثل في الذّهاب إلى مؤتمر 15 أوت 2009 الذي قرّره مجموعة من الزملاء المنتمين إلى المكتب التنفيذي الموسّع، دون وجه حقّ، لأنّه مخالف للقانون الأساسي والقانون الدّاخلي للنّقابة!؟
هذا الأمر الواقع لا يدلّ إلاّ على أنّ الصّحافيين لم يعودوا أسياد قرارهم، باعتبار أنّ القرار فرض عليهم بالقوّة، بعد الأزمة الّتي لم يعد يخفى على أحد كيف صنعت ولماذا صنعت وتحوّلت إلى ورم ينخر الجسد الصّحفي؟
إنّ السّؤال الّذي يطرح هنا، هو: لمصلحة من هذا التّصعيد غير المبرّر؟ ولماذا الإصرار على رفض الدّعوات إلى الوفاق والتّوافق؟
الجواب واضح، وهو أنّ هذا الوضع لا يخدم مصالح الصّحافيين، بل المراد منه تقديم خدمات من نوع آخر لنيل المكافأة... لذلك تدخّلت الإدارة وفرضت على عدد كبير من الصّحفيين الإمضاء على عريضة سحب الثّقة من المكتب الشّرعي، تلك العريضة المهزلة التي تضمّنت إمضاءات أطراف إمّا غير منخرطة بالنّقابة أو لا علاقة لها بالقطاع الصّحفي، أو إمضاءات بالنّيابة!؟
ولمّا سقطت العريضة في الماء، وقع البحث عن الإستقالة الرّابعة، ولم يتردّد الزّميل الحبيب الشّابّي في إلقاء النّقابة فوق المذبح، لتنحر وتقدّم في وليمة الإنقلاب الأسياد الذين يأمرون، فتنفّذ أوامرهم. لكن يبدو أنّه فات البعض أنّ لحم النقابة زعاف ولن يجد فيه عبدة الولائم الّذّة الّتي يشتهون، وستثبت الأيام ذلك. وما موعد المؤتمر الإقصائي(15 أوت 2009) إلاّ دليل على ذلك. فلم تتمسّك المجموعة المنقلبة بهذا الموعد، إلاّ ليقينها بأنّ هناك مجموعة متمسّكة بالشّرعية والقانون، ستقاطع المؤتمر الإنقلابي، وبذلك يفسح لهم المجال لينفّذوا مخططهم وينصّبوا مكتبا وفق ما هو مرسوم سلفا. أمّا الذّهاب إلى مؤتمر موحّد، فيعني أنّ المدافعين عن القانون والمتمسّكون باستقلالية النقابة سيسقطون العمليّة الإنقلابية ويغيّرون مسار المؤتمر بعد فضح الدّسائس الّتي حيكت من قبل من يدّعون أنّهم يريدون الدّفاع عن القطاع، وهم في الحقيقة ينفّذون تعليمات وأوامر الأسياد
إن المنقلبين يدركون جيّدا أنّ مؤتمرا موحّدا سيسقط المخطط الإنقلابي، وسيجعل من في قلبه ذرّة خوف من الصّحافيين يتخلّص منها عندما يدخل إلى الخلوة، كما حصل في مؤتمر 13 جانفي 2008 ، حيث عصيت الأوامر والتعليمات وفاز المستقلّون بأغلبيّة المقاعد وتجسّدت بذلك الإرادة الحقيقيّة للصّحافيين، وهي الإرادة التي يريد الإنقلابيون كسرها الآن، كي يضعوها في أياد أخرى، تعبث بها كما تريد وتستخدمها كما تشاء
إنّ الإنقلاب سيسقط ويسقط معه المنفّذون والآمرون والنّاهون، سواء تم مؤتمر الخيانة (15 أوت 2009 ) أو لم يتم. لأنّ العملية أصبحت مفضوحة واستعصى سترها، خصوصا بعد أن تجنّدت لها أطراف رسميّة وغير رسميّة، داست على الشّرعيّة واستغلّت نفوذها لتكرّس اللاّشرعية واللاّقانون
وسوف يواصل الصّحافيون المتمسّكون بالشّرعيّة الدّفاع عن هيكلهم واستقلاليّته ولن يسمحوا بتدجينه مهما طالت المعركة لأنّ الحقّ هو الّذي ينتصر في النّهاية، ومن يضحك في الأوّل سيبكي في النّهاية
محمود العروسي
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire