إلى متى يتقي الصحفي التونسي خيره كي ينجو من الشر ؟ وأي شرّ سيصيبنا أكثر من عدم القدرة على تسمية الأشياء بأسمائها؟ أية صفة سلبية نتّصف بها أكثر من الجبن والخوف.. من الحقيقة؟ ماذا سنخسر أكثر من خسارتنا لأنفسنا ؟ وماذا سيحدث أمام أعيننا أكثر من الانقلاب على هيكل الصحفيين الشرعي؟
بعضنا يختزل معركة استقلالية النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في "أنتم" و"هم" دون أن يجرأ على ذكر من يختفي وراء هذين الضميرين... بعضنا الآخر يهمس "دعوهم يأخذوا النقابة... فالمعركة سياسية والقرار تم اتخاذه ولا يمكنكم إلا الإذعان".. ولكن إلى متى الإذعان ؟ ماذا استفدنا من الإذعان والخرس غير اللامبالاة لنا ولمطالبنا؟ ماذا استفدنا غير تصنيف لنا في أسفل السلم الإقليمي والعالمي؟ كيف نكون سلطة رابعة دون حرية لنا ولأقلامنا ودون حقوق للصحفيين ودون احترام، وهذا الأهم، للصحفي التونسي...؟
من يحترمنا ونحن لم نحترم أنفسنا ونسمح لكل من هبّ ودبّ أن يقودنا أمامه كقطيع أغنام؟ أين ضمير كل صحفي حر في وطننا العزيز، الذي يحتاج في هذه الفترة بالذات أقلامنا وعدسات مصورينا وتحقيقاتنا وحواراتنا... لنغير الوضع ؟ هل نترك بعض المنبطحين يجبروننا على المشاركة في الانقلاب، والحكم على أنفسنا بقرن جديد من طأطأة الرؤوس؟
لا شر نتقي منه أكثر من الوضع الذي نتخبط فيه، ولا مضار نهرب منها أكثر مما هو مسلط علينا، ولا لحظة أكثر أهمية من هذه التي يتيحها لنا التاريخ بعد نضال أجيال وأجيال؟... فكيف نعجز عن استغلال فرصة تاريخية يبحث عنها الكثيرون ويسعون إليها ويموت بعضهم ويُهجّر البعض الآخر من أجلها... وتقدم لنا على طبق فنتركها ونواصل طريقنا... إلى الوراء في وقت يتقدم فيه غيرنا.
أي ذنب لا يغتفر قام به المكتب التنفيذي الشرعي غير تغييره أولويات المطالب فأصبحت حرية الإعلام واحترام الصحفي وتنقية القطاع من الدخلاء على رأس القائمة بدل الولاء والطاعة والسيارة والمسكن...؟ أي ذنب لا يغتفر ارتكبه المكتب التنفيذي الشرعي حين أعلن بصريح العبارة عن لاءاته الشهيرة والتي أصبحنا بعدها يسراويين إلى حد الإلحاد ويمينيين إلى حد التطرف وأصوليين إلى حد... القاعدة...؟
هي تفاهات مصدرها أكثر تفاهة... وهي سخافات لا يصدقها إلا من دخل قطاع الإعلام إما محشورا أو مدفوعا أو مسندا بـ"أكتاف" أو وريثا لمنصب غيره أو ذوي عقد نفسية لن يشفى أحدهم وإن صال وجال بين مكاتب "الكبارات" ليحوز شرفا لا يدعيه.. وإن حصل ثانيهم على تلاقيح ضد السلع الفاسدة.. وإن حصل ثالثهم على امتياز المسافر المثالي.. وإن دخل رابعهم كتاب غينيس بتحطيمه الرقم القياسي في كتابة التقارير...
فلن يذكر التاريخ تفاهات هؤلاء بل سيذكر أن الصحفيين التونسيين رفضوا الإذلال والانبطاح.. وأن سنة 2009 كانت سنة الصحفيين الأحرار الذين رفضوا الانقلاب عليهم وعلى هيكلهم الشرعي... وأن الصحفيين التونسيين الحقيقيين لن يتقوا بعد اليوم خيرهم كي ينجوا من الشر.. لأنهم ببساطة حاربوا الشر وانتصروا.. وقفوا صفا واحدا ضد اللاشرعي واللاقانوني...
... وأفقت من الحلم.. أكثر إصرارا على النضال والصمود.. وكذلك الحلم
نجيبة الحمروني
samedi 22 août 2009
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire