samedi 22 août 2009

في أصول الانقلاب على الطريقة.... الموريتانيّة

بين «الشيخ الصالح» و«صاحب الكرم» و«صغير النور» والله أعلم

من تجليات الفكر الإقطاعي الطواف المرضي أو هو اللجوء الدائم والهروب المستمرّ إلى دوّامة العاطفة ورحى الأخلاق، في تجاوز للقوانين وقفز بهلواني على جميع التشريعات. من ثمّة لم تعد جريمة الانقلاب تمثّل إشكالا، بقدر ما هو السعي المحموم والهرولة السريعة بحثا عن «حلّ» وليس البحث عن «الحلّ»، حيث ينقلب صاحب الانقلاب من أصل البلاء وسبب الإشكال إلى جزء من صياغة «حلّ»، ومن ثمّة ينزلق رويدًا رويدًا، ليمثّل ـ بجلالة قدره وعلوّ مقامه ـ «الحلّ» الأوحد و«المخرج» الوحيد.
ما جدّ في موريتانيا الشقيقة، بلد المليون شاعر، الذين لم يشعروا بهذا الانزلاق الخطير، على قدر كبير من الأهميّة، ليس فقط على مستوى بنية الفكر السياسي العربي، بل إلى ما صار إليه هذا الفكر من خلال «سوء التنظيم المحكم» من تردّ مقصود وهبوط قصدي إلى هذا المستنقع، كأنّ هذا البلد يمثّل «مختبرًا» يتمّ من خلاله تجريب نمط جديد ممّا عهدنا ـ في ثقافتنا ـ حين كان على صاحب الطلاق البيّن، أن «يخترع» له قفزة أخلاقيّة وفتوى تبيح له ما لم يكن حلالا!!!
تكمن أصول اللعبة ـ في أيّ انقلاب ـ في إتقان لعبة «التفتيت» أو هي «التجزئة» ومن ثمّة يصير القفز فوق الجريمة سعيا للبحث عن «حلّ»!!! ما جدّ في موريتانيا لا يعيد فتح الباب على مصراعيه أمام الانقلابات ـ العسكريّة وغيرها ـ بل ـ وهنا تكمن المصيبة ـ في أن تصير اللعبة «حزمة واحدة» تبدأ بزحف الدبابات وسير القوات الخاصة نحو الإذاعة والتلفزيون ومقرات الحكم وتنتهي بأن تخرج «الشرعيّة» من صناديق الاقتراع، كما عهدنا خروج الأرنب البيضاء من قبّعة الساحر!!!
يأتي الإعلام في هذه اللعبة على قدر كبير من الأهميّة، سواء على مستوى السيطرة عليه منذ اللحظات الأولى، بمعنى اعتباره أداة وصل، أو ـ وهنا مربط الفرس ـ تفعيله ليكون الوسيلة أو هو تلك القبّعة التي ستنقل اللون من «تحت الحمراء» الانقلابي إلى «ما فوق البنفسجي» الديمقراطي، دون أن نحسّ أو نرى بفداحة هذا «التيه» بين ألوان طيف لم نشاهده ولم نشهده به!!! أليس من فعل ساحر!!!
يضعك ـ أنت الصحفي ـ هذا الانقلابي أوّل الأمر في سؤال بين حدين، القبول بالحلول «المرحليّة» المستندة إلى التأويلات «الأخلاقيّة» والقراءات «العاطفيّة»، التي تحمل «حلاّ آنيّا وسريعًا» من جهة، وبين أن تستند إلى القانون في بعده المطلق وعلويته المقدّسة، وما يعني ذلك من انزلاق خطير نحو «تأبيد للأزمة وتحولها إلى فعل مزمن»!!!!
ذلك في علاقة مع مفهوم «الزمن» لدينا من ناحية وما نحمل من قراءة عن «المعلومة» وما وقر في دواخلنا من وعي بمعنى «الجماعة»...
الزمن حين يتمّ تفتيته حينًا والتهديد بتمطيطه أحيانًا كثيرة، لنكون كتلك السلحفاة التي تكلّفت بسنّ سكّة المحراث، فلمّا عادت وقد أنجزت فعلها اصطدمت بالسنابل وقد حان قطافها، فلعنت من «خانها» و«عمل من وراء ظهرها»
المعلومة، حين «نتهابل» [أي نتصنّع الهبل، وعذرًا عن افتعال هذه الصيغة] وندّعي ـ في تدثّر بالأخلاق وتقوقع ضمن العاطفة ـ أنّ أخطر من الجريمة ذاتها هو تأبيد الأزمة والتشبّث بالمواقف، ليصير الإصرار على الموقف «جنونًا» أو هو «الإرهاب» ولكل أن يفسّر اللفظ على هواه، ما دام هذا الإعلام «صوت سيّده»...
الجماعة حين وجب عليها أن تستبطن ملهاة/مأساة الملك العاري، و«تتوحّد» [ما أحلى الوحدة] وقد تحوّلت العاطفة إلى اسمنت مسلّح والأخلاق إلى أساسنا، وقد تناسينا أن الفاعل «مرفوع» إلى فعله والمفعول به في حاجة إلى «نصب»... من ثمّة يصير «النحو العربي» حاجزًا أمام استكمال «حلّ»، فنحن نحتاج إلى فاعل «منتصب بذاته» ومفعول به «مكسور الجناحين»، وفعل متعدّ/معتد...
ذلك هو العقل العربي... ضعنا في السابق بين مدرستي الكوفة والبصرة، وعلينا الآن أن نضيع ضرورة ـ لأنّنا أهل تيه بالضرورة ـ بين مدرسة نواقشط ومدينة أخرى لا نزال نبحث عنها وقد قالت عجوز تجاوزت الدهور وصارت «متعوّدة» أن موعد ظهور هذه العاصمة قد حان، وفي رواية أخرى ظهرت، والله أعلم!!!
من دلائل الظهور أن يفشل شيخ «صالح» وقد صار شعره إلى بياض ناصع، عن تناول ما أفنى العمر في السعي وراءه، هذه «التينة» وقد حان قطافها، ليخدعه صاحب «الكرم» الذي تجاوزه في سرعة البرق!!!
من دلائل الظهور وقيام الأمر أنّ من جمع الشهود وحمل «الملوك الثلاثة» على اعتبار المولد أشبه بميلاد السيّد المسيح عليه السلام، عجز عن التحوّل من «نور صغير» إلى «وهج مكتمل» قد خفت أمره وقد صار كمثل عصف مأكول....

ما لم تقله الخرافة: أنّ من دلائل فشل هذا الثلاثي ـ كما جاء في كتب الأوّلين ـ أن يصير الأمر إلى حرب معلنة بين صاحب الكرم والشيخ الصالح وصغير النور، حين «تخادعوا» [من المخدع] وهم يخادعون اليوم [من الخديعة]

تنبيه شديد اللهجة وحاد النبرة: أي إسقاط لهذه الأسطر على أيّ «حادث» جدّ منذ فترة وجيزة، لا تلزم سوى هذه النفوس الأمّارة «بالخير» وبالتالي لا يتحمّل صاحب هذه الأسطر «ذنوب» التأويل و«كبائر» التفسير

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire