داخل الدولة؟؟؟ ضدّ الدولة؟؟؟ خارج الدولة؟؟؟
نزولا من التنظير إلى تسمية الأشياء بمسمياتها يمكن الجزم أن المصيبة الأولى تكمن في ما نراه من قراءة مغلوطة بل معكوسة، ولم نقل مذنبة بعد، للخارطة السياسيّة وللأقطاب الفاعلة فيها...
هذا الغلط وهذا العكس ولم نقل هذا الذنب بعد، قد نقبله وقد نغفره وقد نتجاوزه وقد نغضّ الطرف عنه عندما يصدر عن أفراد من عامّة الناس ممّن يمشون في الأسواق مثلنا، ونعتبره ـ إجرائيا أو منهجيا ـ من حريات الفكر ومن أبجديات الممارسة «الديمقراطيّ»، لكنّها عندما تصدر عمّن يحتلّون المواقع ويتّخذون القرار ونرى بين أيديهم مصائر البلاد قبل العباد، يجرّنا المنطق ـ مهما كان هذا المنطق ـ إلى طرح أسئلة في غاية الخطورة...
الخطأ الأوّل أن يعتبر البعض ـ ممّن يتحمّلون هذه المسؤوليّة أو تلك ـ الدولة طرفا في المعادلات السياسيّة القائمة وبالتالي يحقّ لها ـ ضمن مرجعية الأخلاق السياسيّة القائمة أو ما تمليه أبجديات الممارسة الماكيافليّة ـ أن تتوسّل عند النزول إلى ساحة القتال كلّ ما تراه «من أسلحة ومن ذخائر»... نكون هنا أمام حالة مرضيّة لا تستوجب فقط من قبلنا التشخيص والإشارة، بل تتطلّب من المفكرين ضمن جهاز ـ أو هي أجهزة ـ الدولة التفكير خارج معادلة العاطفة وما قد تجرّ إليه شحناتها من ويلات!!!
اعتبر الكثير وعبّروا عن ذلك صراحة وأعلنوا الأمر على الملإ ورفعوا الصوت وجهروا بأنّ الانقلاب الذي قام به ثلاثي «السوء» قد جاء والكلام لهم ولأتباعهم «بأمر رئاسي مباشر»، بل ـ كعادة ما يفعل كهنة المعابد ـ صاروا ينسبون إلى أنفسهم ضمير المتكلّم في تلبّس مرضي، يهفو إليه في شوق علماء علم النفس والباحثين عن الظواهر الجنونيّة، لندرة هذه الحالات وشيوعها في هذه الربوع...
عندما يعلنون ذلك، ويبغون من ورائه نيل مراميهم من سيطرة على النقابة، لا يعلمون، أو بالأحرى لم يعلم من حرّكهم، لأنّ الثلاثي في أفضل حالاتهم بيادق عاجزة بذاتها عن لعب دور الوزير، أنّ السؤال المؤسّس للممارسة السياسيّة، لا يكون بالسؤال عن كيفية استرجاع النقابة، بقدر السؤال، عمّا فعله هذا المسؤول وذاك وعمّا مارسته هذه الجهة أو تلك، لتنزل النقابة إلى مثل ما يرون من «حضيض» نظّروا به وأجازوا من خلاله وشرّعوا عمليّة «العبور الكبرى» إلى هيكل أشبه بفؤاد أمّ موسى...
ليس لهذه الدوائر ـ الفكريّة ـ داخل هياكل الدولة أن تطرح أسئلتها في العلن، وتنشر الأمر على الملإ أو تتباحث عبر وسائل الإعلام، لكنّنا حين نرى الزمرة الإنقلابيّة قد نفذت فعلها، نسأل عن فائدة السعي وراء السؤال عن أسباب سقوط غرناطة وقد ضاعت الأندلس وصارت رثاءً...
الثابت والأكيد وما لا يحمل النقاش ولا يقبل الجدل وليس فيه لعاقلين أن يختلفا، بعجز دوائر عديد عن استقراء الوضع ليس فقط من باب السعي لتنيّن المشهد، بل ـ وهنا الدور الحقيقي لهذه الدوائر ـ في مزاوجة التشخيص بالقدرة على الفعل، وتلك الطاقة على ربط الفعل الآني المباشر بالرؤية الإستراتيجية للدولة... إنّها دولة يا جماعة الخير
لا تهمّ كاتب الأسطر الغوص في كنه الأمور وتبيان خطأ ذاك من جرم هذا، بقدر القول أن المشهد أمامنا كفلق الصبح لا يختلف أمامه سواء جاحد أو جاهل أو من ارتكب هذه الجرائم ويريد أن ينفي وقد طارت الماعز وصارت تحلّق في فضائنا...
عندما ننطلق من الثابت ـ أي الدولة ـ نرى أنّها أوّل من سيدفع الفاتورة، على اعتبارها ليس فقط الضامن للحقوق والراعي للوجود البشري، بل ـ وهنا تكمن الخطورة ـ لأنّ من تحركّوا ودبّروا ونفذّوا تناسوا البسملة والمعوذتين وصاروا يتحدّثون ليس بديلا عن الدولة، بل صاروا لا نعلم هل هم الدولة أم دولة؟؟؟
نقولها من باب صدق لا نخشى منه لوم أو نبغي من ورائه نفعًا، أنّ مسؤولية أجهزة الرصد ثابتة ولا لبس في ذلك وأنّ من تحرّكوا للانقلاب أو بالأحرى من حركوهم لا يبغون للدولة من نفع ولا يريدون مصلحة، وليس لنا أن نأخذهم بحسن الظنّ لأنّ ليس لمثل هذه المسؤوليات أن تتسترّ بالنوايا حين جاء الفعل كما جاء... فقط أن نسأل هل يلعبون ضدّ الدولة أم خارجها؟؟؟
سؤال برسم البحث!!!
نصر الدين بن حديد
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire