lundi 16 novembre 2009

النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في انتظار ساعة الحسم...هل دقّت ساعة المراجعة؟؟؟


النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين
في انتظار ساعة الحسم...هل دقّت ساعة المراجعة؟؟؟
تونس: محمد بوعود
لا شك أن المتابع لأخبار النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، منذ صعود المكتب التنفيذي لمؤتمر 15 أوت، يلاحظ بكل بساطة أن إشعاعها قد تراجع، وخفتت أضواءها، خاصة بعد سيطرة تشكيلة من لون واحد على مكتبيها التنفيذي والتنفيذي الموسّع، ولئن تسرّبت عديد الأنباء المؤكدة عن خلافات حادة بين الهيكلين، خاصة في موضوع رفض نقيب 15 أوت أن يلعب التنفيذي الموسّع أي دور، وإصرار عناصر فاعلة في هذا الأخير على اقتسام الحصة في التسيير مع النقيب، باعتبار الدور الهام والفعّال الذي لعبوه في الانقلاب على المكتب الشرعي، وباعتبار أيضا ما لحقهم من غُبن، من خلال إسقاطهم في مؤتمر ذو لون واحد، مما يعني أن إسقاطهم بتلك الطريقة المهينة كان نتيجة أوامر لم تراع ما بذلوه من "ّتضحيات" جسيمة للوصول إلى هذا المؤتمر.
وإذا كانت الخلافات الداخلية، وخاصة بين الصحفيين المهنيين، وأبرزهم اثنان من المستقيلين من المكتب الشرعي، والصحفيين الخطيين، الذي احتكروا كل الصلاحيات باعتبار قربهم من مركز القرار، فان ذلك لا ينفي ما تواجهه النقابة من صعوبات ناتجة عن عطالة يواجهها المكتب التنفيذي الحالي، سواء على مستوى الملفات المهنية المطروحة، أو على مستوى التحديات الداخلية، أو على مستوى المشروعية الهيكلية والشرعية النضالية، وكذلك على مستوى التمثيل في الهياكل العربية والدولية المعنية بالقطاع.
فعلى المستوى الداخلي لازال المكتب التنفيذي الى اليوم وبعد مضي أشهر على صعوده، يباهي بانجاز واحد هو تعبيد الانهج والطرقات في حي الصحافة، في حين يعلم القاصي والداني أنها من مشمولات العمل البلدي وأتت في سياق عام قامت فيه كل البلديات بالتزيّن والتجمّل للمواعيد السياسية والانتخابية التي عاشتها البلاد.
أما أول اختبار عملي فقد كان الملف المهني للصحفية حنان العيفة مع مؤسسة التلفزة التونسية، والصحفية هدى الطرابلسي مع مؤسسة دار الصباح، والذي لم يقدر فيه مكتب 15 أوت أن يفعل شيئا، ما عدا تدخلات شفهية يقدر أي صحفي أن يقوم بخير منها.
أما التحدي الثاني فكان بلا شك ما صرح به عدد من الوجوه الاعلامية ذات المصداقية حول ما شاهدوه بأم عيونهم من تزوير وتلاعب بالنتائج في مؤتمر 15 أوت، والصمت المريب الذي قابل به المكتب التنفيذي هذه الاتهامات، وفي حركة أقرب منها الى الاعتراف من اللامبالاة، والتي فسرها العديد من الملاحظين بخلافات شديدة بين المكتب التنفيذي والتنفيذي الموسع الذي يقرّ عدد من أعضائه بوجود هذا التلاعب في جلساتهم الخاصة، لكنهم يتجنبونه في الاماكن العامة التزاما بتوجيهات الخط الحزبي.
وبخصوص الشرعية الهيكلية وحيادية النقابة، باعتبارها ممثلا لكل الصحفيين من مختلف مشاربهم، فقد كان للشريط المصور الذي تداولته المواقع الالكترونية على نطاق واسع، والذي يظهر فيه نقيب 15 أوت في أقصى درجات التعصب للون معين ولمرشح معين، وهو ما يُعتبر في حد ذاته دلالة على انتفاء تمثيل كل الصحفيين، والهروب بالنقابة الى الفعل السياسوي الآحادي الطرف بعيدا عن المشاغل المهنية للصحفيين.
يُضاف الى كل هذا، القطاع الواسع من الصحفيين، الذين لم يقتنعوا الى حد الان بمؤتمر 15 أوت، حتى ممن حضروه، والذين يعتبرون أن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين مكسب لكل الصحفيين، طال انتظاره، وبالتالي لا يمكن أن تُقابل بمثل هذا التصرف الذي أفقدها الاجماع والتوافق، وكرسها كنقابة لطرف سياسي معين، يطبّق من خلالها أجنداته السياسية، ويختبر فيها قدرته على التحشيد الاعلامي، وممارسة البروبوقاندا المستنفرة التي تزجّ بكل صوت مغاير في خانة الاستقواء بالأجنبي، أو اللاوطنية.
وإذا كانت الساحة إلى حد الآن تشهد صمتا متواطئا، فان ذلك لا يجب ان يحجب بالمرة، قدرة أعضاء المكتب التنفيذي الشرعي على التحرك والتعبئة، على مختلف المستويات، وهو ما يمكن أن يقود إلى أزمة جديدة، تكون فيها المعركة حاسمة، بين المكتب التنفيذي الحالي، وبين عموم الصحفيين، الذين يرون في 15 أوت التفافا على طموحاتهم ومصادرة لحريتهم في التماهي مع القيادة الشرعية التي اختاروها.
وإذا كان المكتب التنفيذي الحالي، قد سجل مكاسب في ميادين القضاء والمحاكم، إلا أنه خسر مقابلها كثيرا، فالصحفيين لم يتعودوا أن يفصلوا قضاياهم في المحاكم، ولا هم يمكن أن يهضموا الطريقة التي وُجّهت بها الاتهامات الى زملائهم بالفساد المالي، في حين يعرفون جيدا، ويعرف حتى الشاكين أنفسهم، أن هؤلاء الزملاء كانوا يدفعون من مالهم وقوت عيالهم كي يغطوا مصاريف النقابة.
وإذا كان المكتب التنفيذي قد تمكّن من كسب مزيد الوقت فانه خسر بالمقابل ما كان يخطط له من جعل معركة الشرعية تتحول إلى معركة أخلاقية أو مالية، ذلك أن الأسماء التي طُرحت للمسائلة يعرفها القاصي والداني، ويعرف نزاهتها وان كان يختلف معها.
يبقى التمثيل في الهياكل الدولية، والذي لا نعتقد، ولا يعتقد عاقل في هذا الوطن، أن تونس الآن وهنا، واليوم تحديدا، تحتاج الى أن يقوم الفيج او غيره من المنظمات بشطب عضويتها منه، وهو ما يحاول المكتب التنفيذي الحالي التصدي له، رغم عدم وضوح مواقف الفيج، ورغم أن مشاركته الأخيرة في الاجتماع الدوري للصحفيين العرب لم ترتق إلى مستوى الحدث، بل أثارت المزيد من الشكوك في ظل الاتهامات التي وُجهت للسيد يونس مجاهد بالانحياز، والذي واجهه بعض النافذين في الاتحاد بالدعوة إلى أن يكون الاجتماع الدوري القادم في تونس، في محاولة أخيرة لكسب مزيد من المشروعية من خلال الاستضافة للأشغال، وما يكتسبه البلد المستضيف من قدرة على التأثير في القرارات، والتي بالمناسبة نرجوها أن تكون فرصة حقيقية للمصارحة والحوار، ولما لا لمصالحة تطوي نهائيا الأزمة، وتعيد المياه إلى مجاريها، حتى يخرج وضع الإعلام من الحالة الراهنة، وحتى يتمكن الصحفيون من أداء واجبهم بعيدا عن كل صنو الاستقطاب أو الانحياز.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire